رجحت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن يبلى مرشح جماعة الإخوان المسلمين فى الانتخابات الرئاسية، محمد مرسى، بلاء حسناً وقوياً فى الانتخابات، وقالت الصحيفة- فى تقرير لها عنه- إن مرسى، الإسلامى المحافظ، أصبح مرشحا بالصدفة فى السباق لكى يصبح رئيس مصر القادم. فرغم ما يقال عنه من أنه المرشح "الاستبن أو البديل لخيرت الشاطر، وعن افتقاده للكاريزما، إلا أنه من إنتاج جماعة الإخوان المسلمين وصعد بين صفوفها على مدار العقدين الماضيين.. ورغم ما وجه إلى الجماعة من انتقادات لتراجعها عن وعودها السابقة بعدم طرح مرشح للرئاسة، إلا أنه بحلول مساء أمس، الخميس، بدا أن اتجاه مرسى نحو الإعادة يؤكد كفاءة الإخوان، وقدرتها على الوصول التى لا يوجد لها مثيل حتى فى عهد مبارك، عندما كانت الجماعة محظورة رسميا.
ونقلت الصحيفة عن خليل العنانى الخبير فى شئون الحركات الإسلامية المصرية بجامعة دورهام البريطانية، قوله إن آلة الإخوان المسلمين هى التى دفعت بمرسى إلى هذه النقطة، فمرسى لديه مهارات سياسية متواضعة مع التزام قوى بأيديولوجية الإخوان المسلمين وقيادتها، وهو قذيفة للإخوان وسيضحى بنفسه لصالح بقاء الجماعة.
ويقول المحللون المصريون إنه تم اختيار مرسى لولائه للجناح المحافظ فى الجماعة، وخلال حملته صور مرسى نفسه على أنه "مرشح الله"، ووعد بأن القرآن سيكون أساس الدستور المستقبلى، وتعهد بتنفيذ تفسير محافظ للشريعة الإسلامية. وفى الأسابيع الأخيرة بدا أن رجال الدين المحافظين يميلون للإخوان، وطلبوا من أتباعهم التصويت لهم.
وعن مرسى، يقول جوشوا ستاكر، أستاذ مساعد لدراسات الشرق الأوسط فى جامعة كِنْت الأمريكية، إنه لن يخون التفسير الأكثر محافظة للإخوان المسلمين الذين يسيطرون الآن.
من ناحية أخرى، علقت الصحيفة على ما أعلنه حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، عن تصدر مرسى للنتائج حتى الآن، واعتبرت ذلك دليلا قويا على قوة الآلة السياسية للجماعة. وتوقعت الصحيفة أن يؤدى فوز مرسى فى الجولة الأولى إلى حالة من الاستقطاب فى جولة الإعادة المقررة الشهر المقبل، وتوقعت الصحيفة، برغم الإشارة إلى استمرار عملية الفرز، أن يواجه مرسى د. عبد المنعم أبو الفتوح أو أيا من عمرو موسى أو أحمد شفيق، اللذين عملا مع النظام السابق.
ومضت الصحيفة فى القول أنه لو أصبح مرسى رئيساً، فإن جماعة الإخوان التى ظلت محظورة لفترة طويلة ستكون شبه محتكرة للسلطة السياسية فى البلاد، بما يجعلها الفائز الهارب فى الثورة الشعبية التى كانت مترددة فى تأييدها فى البداية. وبرغم ذلك، رأت واشنطن بوست إن فوز مرسى فى جولة الإعادة سيكون صعباً، حسبما يقول المحللون لأن منافسيه المحتملين سيعملون على استمالة الناخبين الذين لا يريدون للجماعة الإسلامية أن تحكم مصر.
ورصدت الصحيفة تأثير ما يحدث فى انتقال مصر نحو الديمقراطية على المصالح الأمريكية فى المنطقة، وخاصة معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل والاستقرار الإقليمى الذى تمثله، وأشارت إلى أن المسئولين الأمريكيين قد سعوا فى الأشهر الأخيرة إلى ضمانات من الإخوان والجماعات السياسية الناشئة على أن استمرار المساعدات العسكرية يضمن الالتزام بالمعاهدة. ونقلت الصحيفة عن محللين مصريين وأجانب قولهم إن الميزة التى ستتحقق فى حالة فوز مرسى ستكون الاستقرار قصير المدى.
وتقول ميشيل دون، الخبيرة بشئون الشرق الأوسط فى المجلس الأطلنطى، إنه بفضل تنظيم الإخوان، أصبح فوز مرسى نتيجة لن تؤدى على الأرجح إلى إثارة الشكوك حول شرعية الانتخابات. ومن ناحية أخرى، فإن وجود رئيس إسلامى سيعنى تبنيه رؤية مختلفة تماما للشئون العالمية، ولا أحد يعرف كيف يتعامل الإخوان مع أزمات ستحدث حتما سواء كانت إسرائيل أو الضفة الغربية أو غزة أو لبنان.
واعتبرت الصحيفة أن الدعم القوى للإخوان فى يومى الاقتراع، رغم كون مرسى شخصية لا تتمتع بالكاريزما، ولم يكن معروفا لكثير من المصريين حتى وقت سابق، هو الدليل الأحدث على أن الأحزاب الإسلامية المحافظة تجنى أكثر الفوائد من الثورات الإقليمية التى أطاحت بأربعة رؤساء على مدار الأشهر الماضية.
ويقول شادى حميد، الخبير بشئون مصر بمعهد بروكنجز، إن الإخوان لا يزال لديهم آلة انتخابية لا يضاهيها شىء، وأعرب عن إعجابه بمدى السرعة التى استطاع بها الإخوان أن يحققوا شعبية لمرسى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق