علق المحلل السابق بهيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى" مجدى عبدالهادى على الأزمة الأخيرة بين مصر والسعودية، وقال فى مقال له بصحيفة "الجارديان البريطانية": بينما كان المتظاهرون يخوضون معارك شوارع ضد الشرطة العسكرية فى القاهرة الأسبوع الماضى، كان المسئولون المصريون "يركعون" بأدب أما العاهل السعودى الملك عبدالله يطلبون منه العفو عن سلوك المتظاهرين أمام سفارة بلاده فى القاهرة.
واستعرض الكاتب بداية الأزمة مع اعتقال المحامى المصرى، أحمد الجيزاوى، فى جدة، والمظاهرات أمام السفارة السعودية احتجاجًا وما تلاها من سحب الرياض لسفيرها وإغلاق السفارة.
واعتبر عبدالهادى أن موقف السعودية بإغلاق السفارة وسحب بعثتها الدبلوماسية أمر مدهش، وأشبه بالضغط على زر نووى لدولة معروفة بحذرها الشديد فى أمور السياسة الخارجية، ناهيك عن ذكر حقيقة أن مصر هى جارة قريبة، وأكبر الدول فى المنطقة والشقيقة الكبرى للعرب.
والآن، يتابع الكاتب، وعلى الرغم من أن العاصفة هدأت مع عودة السفير بعد زيارة الوفد المصرى للرياض، فإنها ربما تكون هدأت لفترة قليلة، فالمعارضون وصفوا الزائرين للمملكة بوفد العار، والذين كان من بينهم رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتنى، ورجال دين سلفيون وشخصيات أخرى معروفة بتملقها، على حد وصفه.
ويرى الكاتب أن هذه الدراما كلها تؤكد على أمرين مهمين، فاعتقال المحامى المصرى أثار استياءً بين المصريين بشأن المعاملة التى يلقونها من جانب السعوديين، خاصة فى ظل نظام الكفيل الذى يحرم العاملين من حقوقهم الأساسية. كما أن رد الفعل فى شوارع القاهرة ومدن أخرى يمثل مثالاً صارخًا على أن مصر بعد مبارك أصبحت متمردة وفوضوية وغير موقرة وعازمة على الدفاع عن إحساسها بالفخر الوطنى سواء كان صحيحًا أو متخيلاً، بعد عقود من المحسوبية المخزية فى عهد مبارك.
وهذا تحديدًا ما يثير قلق السعوديين وأمراء الخليج، وربما يفسر جزئيًّا رد الفعل السعودى غير المعتاد، فليس سرًّا أن السعوديين والخليجيين أصيبوا بالفزع من احتمال انتشار العدوى المصرية إلى مجتمعاتهم.. فقد حاولوا حتى اللحظة الأخيرة منع سقوط صديقهم المفضل فى مصر، حسنى مبارك، وحاولوا أيضًا منع محاكمته، فوضع الرجل العجوز فى قفص الاتهام قد قلب أنظمة الخليج رأسًا على عقب.
وبرغم ذلك فإن السعوديين والأطراف القوية فى الخليج حاولوا التأثير على الأحداث بطرق أخرى، أفضلها هى لى الذراع "ماليًّا"، وتوزيع سخائهم على أصدقائهم من السلفيين والإسلاميين الآخرين فى المجتمع المصرى الذين يتبنون النمط السعودى فى الحياة لضمان كسب مؤيديهم.
ومن ثم فإن إغلاق السفارة وسحب السفير وتعليق تأشيرات المصريين كانت تحذيرًا قصيرًا بأن السعودية مثل دول الخليج الأخرى لا يزال لديها سلاح فى حال استمرار سوء التصرف من جانب المصريين، ألا وهو إغلاق أسواق العمل أمام ملايين من العاطلين فى مصر، وإعادة العاملين من المصريين فى السعودية إلى بلدهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق