مقال يهمك

24‏/02‏/2012

هنا فقط يتبرع الفقراء من أجل الفقراء

منتصف الثمانينيات عندما تولى الرئيس المخلوع مبارك حكم مصر، أطلقت حملة لجمع تبرعات لسداد الديون المتراكمة بسبب الحروب الطويلة، وتم فتح حسابات بالبنوك لإيداع التبرعات.
 الصغير قبل الكبير شارك فى حملة «سداد ديون مصر»، التى وصلت إلى 45 مليار دولار وقتها، يتذكر المحاسب نادر بكر، أنه تبرع بجنيه عندما كان طالبا فى المرحلة الابتدائية.
 حملة وطنية ضخمة تشبه حملة حسان لجمع المعونة، فى رأى نادر 35 عاما، وقتها تحمس الشعب المصرى المتعاطف كما يحدث الآن فى جمع المعونة، «أنا مثلا تخليت عن مصروفى لمدة يومين وقتها ودفعته كله لمصر علشان كنت عيل أهبل»، كما يصف نادر نفسه.
 الآباء كان عليهم عامل كبير فى تشجيع الأطفال على التبرع، لأنه واجب وطنى، يقولها بسخرية.
نادر يعمل بمصنع ألبان، قرر ألا يتبرع لحملة حسان، على الرغم من أن زملاءه تبرعوا بيوم من أجرهم بعد أن علقت إدارة المصنع ورقة تحمل عبارات وطنية، تفر لها الدموع، كما يصفها نادر.
 تبرعوا لمبارك

«احنا بندفع فى البلد دى وهم يسرقوها». يشير الشاب إلى حملة مبارك لسداد ديون مصر التى مازالت متراكمة وقدرها نحو تريليون جنيه مصرى أى ما يفوق 167 مليار دولار، فى نهاية العام المالى 2010 وحتى يونيو 2011، منها 3% تقريبا ديون تمت بعد رحيل مبارك، طبقا لأحدث التقارير الصادرة عن البنك المركزى المصرى.

«الشعب تبرع لمبارك وأسرته التى نهبت البلد وخربتها ورحلت دون حساب يذكر حتى الآن، ودلوقتى بنجمع تبرعات للمجلس العسكرى قبل ما يمشى»، طبقا لنادر.


تحت خط «البهدلة»

«فيه ناس عايشة كويس، وفيه ناس كويس انها عايشة»، عبارة الكاتب الراحل جلال عامر، تتطابق مع تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء الذى أعلن عن ارتفاع عدد المصريين تحت خط الفقر إلى 25% من السكان عام 2011 مقابل 21% عام 2009 وفقا لأحدث نتائج بحث الدخل والانفاق.

التقرير الصادر فى شهر يناير الماضى، أظهر أن بعضهم يكسب 171 جنيها كل شهر، وأن آخرين يحصلون على 256 جنيها شهريا للفرد. نسبة الفقر التى أظهرها التقرير تتركز فى سكان الوجه القبلى بنسبة 51% من إجمالى السكان هناك، وهؤلاء لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء.

عشرات من الصفحات على فيس بوك روجت لحملة حسان للتخلص من المعونة الأمريكية، من بينها صفحة «مش عايزين المعونة يا ولاد الملعونة»، وصفحة «اتبرع بيوم من مرتبك لدعم حملة الشيخ محمد حسان»، هذا بخلاف عشرات الصفحات التى تدعم محمد حسان رئيسا لمصر، والتى أيضا روجت للحملة.


أزمة بائعة الفجل

حملات جمع الأموال المصحوبة بنغمة وطنية، انتشرت عقب ثورة يناير، وبدأت بحملة «اتبرع بجنيه» لإنقاذ البورصة المصرية، التى ظهرت فى شهر فبراير 2011 على صفحات فيس بوك، عندما أغلقت البورصة المصرية أبوابها، وتأثرت بسقوط رجال النظام السابق، الذى كانت أضلاعه مجموعة رجال أعمال من أعضاء الحزب الوطنى المحلول.

يذكر أن حملة المعونة المصرية، والتى عرفت بصندوق العزة والكرامة، أطلقها حسان منتصف فبراير الجارى، كرد فعل على تلويح بعض أعضاء الكونجرس الأمريكى بقطع المعونة الأمريكية عن مصر، عقب حملة عسكرية انطلقت ضد منظمات المجتمع المدنى، واتهمت القائمين على هذه المنظمات بتلقى تمويل أجنبى. ربما صبغت حملة حسان باللون الدينى، خاصة لدى محبى الشيخ، وهؤلاء الذين يصطفون خلفه فى صلاة التراويح وقيام الليل، أو من يستمعون لشرائطه التى يقدم فيها مواعظ دينية، أو ربما المواظبون على حضور دروسه الدينية فى المساجد.

ومن بين عشرات التعليقات المؤيدة لحملة حسان على مقطع الفيديو الموجود على موقع يوتيوب، كتب أحدهم «يا راجل بدل ما تطلب من بياعة الفجل جنيه، اطلبه من إلى ناهبين البلد، ولا انت خايف تقول للمجلس اتبرع للغلابة اللى مش لاقين ياكلوا».


حتى قناة الفراعين

هل الشعب فى حاجة إلى إطلاق الحملات لتدفعه إلى الأعمال الخيرية؟، السؤال كتبه شاب فى تعليقه على مقطع الفيديو الخاص بحملة حسان المأخوذ من لقائه فى برنامج «استديو 27».

وأما عن الحملات الإنسانية الأخرى التى تعاطف معها المصريون فكانت تضامنا مع غزة وسوريا والصومال، مثل الحملة الأخيرة التى أطلقها الأزهر هذا الشهر لرفع الحصار عن غزة، وحملة تبرعوا للصومال التى أطلقها بنك الطعام فى شهر سبتمبر الماضى بالتزامن مع المجاعات هناك.

ربما تكون آخر الحملات الاقتصادية التى تحاول استعطاف الشعب، هى حملة «اتبرع بجنيه» لقناة الفراعين التى أطلقها توفيق عكاشة صاحب القناة، مبررا ذلك بأن «الشعب الذى عايز يتفرج على القناة يتبرع، عشان ما حدش يذلنى بالإعلانات»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق