مقال يهمك

01‏/05‏/2011

عمال مصر فى أحضان (التحرير): كلنا كده عاوزين صورة


«أقول لعمال مصر.. سوف تجدوننى دائما إلى جانبكم حافظا لعهدى معكم منحازا لقضاياكم وحقوقكم ومصالحكم ومتصديا لكل من يحاول الانتقاص من هذه الحقوق. إن هدفنا هو التطوير الحقيقى لأوضاع العمال، وليس الحلول الوقتية. هدفنا هو حصول العامل المصرى على أجور مجزية، تشهد ارتفاعا حقيقيا عاما بعد عام، ومعاشات تراعى التضخم وغلاء الأسعار عند التقاعد؛ وتأمين من البطالة لحين عودته لسوق العمل. وأقول لعمال مصر.. فى عيد العمال.. هذا هو الهدف الذى نسعى من أجله.. وسوف أظل متمسكا به.. حريصا عليه.. مدافعا عنه.. باذلا كل الجهد من أجل تحقيقه على أرض الواقع».

حقا لا تشبه الليلة البارحة. ولا يشبه عيد العمال هذا العام أى عيد سابق. فالكلمات السابقة، والتى سمعها عمال مصر العام الماضى، لن يسمعوها أبدا بعد الآن. والهتافات التى كانت تتعالى لتحية قائل الخطاب السابق ولتأييده رئيسا مدى الحياة باسم عمال مصر، لن تتعالى بعد الآن.

ثلاثون عاما حُرِم فيها عمال مصر من الاحتفال بعيدهم، حرموا فيها من كل حقوقهم، لم يجدوا فيها من يمثلهم ويعبر عنهم.

اتحاد النقابات التابع للحكومة، يؤيدها فى كل قراراتها بغض النظر عن مصالح العمال. ورئيس الاتحاد السابق، حسين مجاور، لا يرتفع لسانه سوى بالشكر للرئيس المخلوع بكلمات من نوعية «سيادة الرئيس.. لقد حافظتم دائما على عهدكم لعمال مصر.. ساندتم حقوقهم وتمسكتم بما حققوه من مكتسبات على مدى العقود الماضية.. وانحزتم دوما للأغلبية الساحقة من أبناء مصر.. إن عمال مصر يعلنون اليوم إنهم معك لأنك السند الحقيقى لهم ولحقوقهم.. وسوف يظل عمال مصر على الدوام جنودا مخلصين فى ظل قيادتكم الحكيمة لتستكمل مصر مسيرتها نحو مستقبل أفضل».

هذه الكلمات، التى لا يمكن أن تكون أبعد عن الحقيقة، جاءت على لسان مجاور فى احتفال عيد العمال الأخير فى عهد مبارك.

أما الطرف الآخر الذى كان يفترض فيه أن يكون حاميا لحقوق العمال، فلم يكن أبدا أفضل حالا. فوزيرة القوى العاملة السابقة، عائشة عبدالهادى، لم تترك هى الأخرى مناسبة إلا وأكدت خلالها أن مبارك هو الراعى الرسمى لعمال مصر، مُلقية بخطب ترحيب وعرفان بالجميل كالتى جاءت على لسانها خلال احتفال العام الماضى «إن أفئدة شعب مصر الوفى والأصيل وفى القلب منه عمال مصر الشرفاء يدركون انحيازكم لهم عدلا وصدقا.. فأنتم حررتموهم من الخوف على يومهم وغدهم وأنتم تقودون مسيرتهم من أجل حياة كريمة يتمتعون فيها بحقوقهم وينهضون بمسئوليتهم وواجباتهم.. فيتحقق الخير لهم ومجتمعهم ووطنهم».

كان هذا هو احتفال العام الماضى، الذى لم يفرق تقريبا عن احتفالات أعوام كثيرة قبله. كان هذا قبل الثورة.

أما اليوم فالعمال حقا يحتفلون. يحتفلون فى أهم ميادين القاهرة. ميدان التحرير، الذى استضافهم وملايين المصريين خلال أيام ثورة الخامس والعشرين، والذى يستضيفهم فى احتفالهم الأول بعد الحرية.

للمرة الأولى يحتفل العمال بعيدهم بدون مبارك، القابع قيد التحقيق فى شرم الشيخ، وبدون اتحاد النقابات الرسمى، الذى لحق رئيسه، حسين مجاور بزملائه من رجال النظام السابق فى سجن طرة، على ذمة التحقيقات فى تهمة التحريض على قتل الثوار.

هذا احتفال مختلف إذن. أبطاله ليسوا مبارك، وعائشة، ومجاور. أبطاله هم العمال الثوار، قيادات النقابات المستقلة؛ العمال العاديون الذين سيرتفع صوتهم بمطالبهم بحرية للمرة الأولى.

عضو اللجنة التأسيسية للاتحاد المصرى للنقابات المستقلة، طلال شكر، اعتبر أن احتفال عيد العمال هذا العام، له ملامح مختلفة عن السنوات السابقة. «نحن الآن وللمرة الأولى منذ عشرات السنين نعيش زمن الحرية. أجواء الحرية سمحت لنا بتأسيس النقابات المستقلة، بما يتيح للعمال الحصول على حقوقهم. فاليوم هناك حركة لإنشاء منظمات نقابية فى مئات المواقع. لقد كافح آلاف العمال على مدى عشرات السنين من أجل حقهم فى التنظيم، وأخيرا حصلوا على هذا الحق». أما الملمح الثانى الذى يميز احتفال هذا العام، بحسب شكر، فإنه يأتى فى عهد جديد به توازن بين الحقوق والواجبات، بما يعطى الأمل لملايين العمال فى تحسن أوضاعهم وحصولهم على حقوقهم المهدرة. الأهم من وجهة نظر شكر هو أن الضمانة لهذا التحول الإيجابى هو الدور الذى لعبه العمال فى الثورة. «سيظل العمال حراس للثورة لأنهم شاركوا فيها مما عجل بسقوط النظام. لن يسمح العمال بعودة عصر القمع والغبن، وسيسعون من أجل استكمال مطالب الثورة لتكون مصر حرة ومستقلة، وبها عدالة اجتماعية وتنمية حقيقية تستفيد منها أغلبية المصريين وفى القلب منهم العمال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق