مقال يهمك

02‏/03‏/2011

بعد الثورة .. رجال أعمال يقبلون تطبيق اشتراكية لا تعادى القطاع الخاص


«
علينا أن نتلمس العذر للمستثمرين فى التظاهر بميدان التحرير لأنهم خائفون من الثورة المضادة، وكذلك للتظاهرات الفئوية لأن أصحابها تحملوا ضغوطا كبيرة خلال السنوات الماضية، فأنا لا انسى يوم 29 يناير عندما كانت تأتينا تحذيرات بهجوم من مناطق عشوائية كالكيلو أربعة ونصف، ومنشية ناصر. لقد تركنا هؤلاء الناس للجوع والعيش فى العشوائيات»، آراء كهذه التى قالها رجل الأعمال محمد خير، لم يكن من المعتاد سماعها فى منتدى اقتصادى لنخبة من مجتمع الأعمال فى فندق انيق على كورنيش النيل، ولكن أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير ساهمت فى تغيير اجندة الموضوعات المطروحة فى منتدى مصر الاقتصادى الدولى، الذى عقد اولى جلساته بعد الثورة مساء أمس الأول.ولأن الجلسة كانت استثنائية فقد تم تنظيمها على نحو مختلف إذ كانت حلقة نقاشية بدون متحدث رئيسى، «لقد جعلت الأحداث الأخيرة كل واحد منا متحدث ولديه مبادرة» بحسب تعبير اشرف سويلم، مدير المنتدى.
وامتزجت انطباعات رجل الأعمال عن الثورة بين الدهشة والإعجاب، فبحسب سويلم كانت توقعات الكثير من الأعضاء بأن أحداث الثورة التونسية لن تتكرر فى مصر، ولكن العديد منهم ابدوا تقديرهم لدور الثورة فى كبح جماح الفساد. «الإصلاح الاقتصادى كان يسير فى اتجاه نهب الأرض، واللى تحت الأرض، ولولا الثورة لم يكن يتسنى لنا أن نترك شيئا لأولادنا» يقول خير. واعتبر أحد أعضاء المنتدى أن الثورة وما جلبته من إصلاحات حمت المجتمع من ثورة أكبر على الطراز الفرنسى يقوم بها 40 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر.
وعن تأثير الاحتجاجات على حركة الإنتاج، اقترح عامر أن تكون التظاهرات بعد ساعات العمل «ما الذى يمنع أن يعمل الناس من التاسعة صباحا إلى الخامسة عصرا ثم يتظاهرون حتى التاسعة مساء؟»، فيما اقترح خير السماح بإنشاء نقابات مستقلة حتى يتفاوض رجال الأعمال مع نقابات تمثل العمال بدلا من «نقابات العمال الفاشلة».
وانتقد العديد من رجال الأعمال تأخر الإصلاح السياسى فى ظل النظام السابق، واستدعى البعض مقولة الاقتصادى الراحل سعيد النجار بأنه «لا إصلاح اقتصادى بدون إصلاح سياسى»، فيما وصف البعض خطوات النظام السابق للإصلاح السياسى بأنها كانت «نكتة».
وطالب رجال أعمال بأن يكون المنتدى أكثر اهتماما بالسياسة فى ظل ما هو منتظر من إجراءات ديمقراطية، «علينا أن نخلع قبعة الاقتصاد ونصبح سياسيين» بحسب تعبير رجل الأعمال منصور الحناوى. فيما طالب آخرون بأن تكون مناقشات المنتدى أكثر احتكاكا بالقاعدة المجتمعية، وألا يشعر الرأى العام بأن المنتدى يتحدث إليهم من «برج عاجى».
وان كان بعض رجال الأعمال قد أبدوا تخوفهم من نتائج الديمقراطية «إذا تابعتم تعليقات القراء على الأخبار المنشورة على الانترنت تجدون أن مفهوم الإصلاح الاقتصادى عند الناس يعنى التأميم، هذا يعنى أنه إذا جرت انتخابات سيختار 90% من الناس تيارا شيوعية» برأى رجل الأعمال وليد جمال الدين.
إلا أن آخرين اقترحوا تطبيق تجارب دولية نجحت فى تحقيق العدالة الاجتماعية بأساليب أكثر اعتدالا بدءا من التجربة المكسيكية، الأقرب للنموذج الأمريكى، إلى الاشتراكية الفرنسية والسويدية، فيما طلب رجل الأعمال حسام الشيخ عقد جلسة خاصة لدراسة تجربة رئيس الوزراء الماليزى مهاتير محمد الذى كانت بلاده تواجه تحديات تنموية شديدة الشبه بوضع مصر برأى الشيخ.
وأبدى بعض أعضاء المنتدى قلقهم من عدم وضوح الرؤية لمستقبل اقتصاد البلاد على المدى الطويل والقصير، وأشار علاء عامر إلى التناقض بين تصريحات وزير المالية حول الاستمرار على النظام الحالى للضرائب الموحدة ووزير التضامن الاجتماعى عن إمكانية العودة للضرائب التصاعدية، كما أن استمرار حالة الضبابية جعلت البنوك تصدر تعليمات بعدم عرض طلبات الاقتراض على لجان الائتمان، بحسب عامر.
وأعتبر الحناوى أنه من الضرورى أن يقوم مجتمع الأعمال بتوعية الـ«30 أو 40 مليون مصرى» الذين سيشاركون فى الانتخابات القادمة سياسيا «فالانتخابات ستكون ديمقراطية وقد يصل من خلالها الحزب الوطنى أو الإخوان المسلمون أو تيارات أخرى للسلطة، وهؤلاء سيحددون مصيرنا».
وطرح سويلم على أعضاء المنتدى فى نهاية اللقاء سؤالا حول مواصفات رئيس الجمهورية الذى ينتظره مجتمع الأعمال، وأجاب البعض بضرورة أن يكون مدركا لواجبات العمل مثل اهتمامه بحقوق العاملين، وطالب آخرون برئيس يتبنى مشروعات تنموية كبرى كمشروع فاروق الباز «الممر التنمية» وغيرها من السياسات التى تحقق العدالة الاجتماعية بأسلوب غير معاد لمجتمع الأعمال.
وفى إطار الحديث عن الدور المستقبلى للمنتدى فى عملية التحول الديمقراطى، تساءل احد الاعضاء عن موقف مجلس إدارة المنتدى من التحقيقات الجارية بعد الثورة «اخشى أن نخاطب الناس بمجلس إدارة فى السجن أو خارج البلاد»، ولكن سويلم عقب بأن هناك شواهد بأن مجلس الإدارة الحالى للمنتدى «لن يتعرض للسجن»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق